logo
#

أحدث الأخبار مع #علاء الدين أبو زينة

رسالة علنية تنتقد إسرائيل تكشف انقساما بين يهود بريطانيا
رسالة علنية تنتقد إسرائيل تكشف انقساما بين يهود بريطانيا

الغد

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الغد

رسالة علنية تنتقد إسرائيل تكشف انقساما بين يهود بريطانيا

ترجمة: علاء الدين أبو زينة رايتشل شابي* - (مجلة نيولاينز) 30/4/2025 البيان المنشور في صحيفة "فاينانشال تايمز" فتح شرخًا في أقدم هيئة تمثيلية ليهود بريطانيا بشأن الحرب في غزة، وأثار تساؤلات حول الغرض الأساسي من وجود هذه الهيئة في المقام الأول. اضافة اعلان * * * ما كان التباين بين اللغة المعتدلة للرسالة والردود المتطرفة عليها ليكون أكثر وضوحًا. في خطوة نادرة، نشر 36 عضوًا من "مجلس نواب يهود بريطانيا" -وهو الهيئة الأكبر والأقدم التي تمثل اليهود في المملكة المتحدة- رسالة مفتوحة في صحيفة الـ"فاينانشال تايمز" ينتقدون فيها الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة. وكتب الموقعون: "لا نستطيع أن نغض الطرف أو أن نظل صامتين" إزاء الخسائر في الأرواح، وأكدوا أن "روح إسرائيل تُمزَّق" على يد حكومتها المتطرفة. وقالوا: "يُنظر إلى الصمت على أنه دعم لسياسات وأفعال تتعارض مع قيمنا اليهودية"، معبرين عن تضامنهم مع عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين ما يزالون محتجزين في غزة، و"مئات الآلاف" من الإسرائيليين الذين يتظاهرون ضد حكومتهم التي يقودها بنيامين نتنياهو. وفي النقاشات الإعلامية اللاحقة في ذلك اليوم، تحدث عدد من الموقّعين على الرسالة عن دوافعهم وراء نشر الرسالة. في برنامج "العالم في الواحدة" World at One الذي يُبث على إذاعة "هيئة الإذاعة البريطانية، القناة الرابعة"، تحدّث عضو "المجلس"، فيليب غولدنبرغ" عن القصف المتجدد على غزة بعد انهيار الهدنة القصيرة في أوائل آذار (مارس). وقال: "انظروا، كان بالإمكان إنهاء هذه الحرب وإطلاق سراح الرهائن. لكن نتنياهو أحياها عمدًا لكي يستعيد بعض العنصريين المتطرفين إلى حكومته من أجل الحفاظ على أغلبيته، حتى لا يفقد منصبه. الأمر بهذه البساطة". وكانت الرسالة في الـ"فاينانشال تايمز" قد وصفت هذا التصعيد الجديد بأنه "هجوم إيتمار"، في إشارة إلى أن استئناف الحرب كان الشرط الذي فرضه السياسي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، للعودة إلى حكومة نتنياهو الائتلافية. ومنذ نهاية الهدنة، قُتل أكثر من 1.500 فلسطيني في غزة، وفرضت إسرائيل حصارًا شاملاً ما يزال قائمًا منذ أكثر من ثمانية أسابيع، فيما أفاد "برنامج الغذاء العالمي" التابع للأمم المتحدة بأن مخزونه الغذائي في غزة قد نفد. كان ما أعقب نشر الرسالة خلافًا علنيًا نادر الحدوث داخل الجالية اليهودية البريطانية. فقد كتب رئيس "المجلس"، فيل روزنبرغ، ردًا على الموقعين في صحيفة "أخبار يهودية" Jewish News الأسبوعية المجانية، واصفًا رسالة الموقِّعين بأنها تعبير عن "فقدان مؤسف للغاية للحكمة" بشأن الحرب، ووبّخ المجموعة المتمردة -التي تشكل نحو 10 في المائة فقط من مجموع أعضاء "المجلس"- على عدم تحميلها حركة "حماس" مسؤولية الحرب، واتهمها بأنها ادعت تمثيل كامل الهيئة. وقال: "يجب أن نتذكر جميعًا أن الوحدة قوة. أما الانقسام فلا يخدم إلا أعداءنا". كما واجه الموقعون سيلاً من المقالات الافتتاحية، والبيانات الصحفية، والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من يهود بريطانيين وإسرائيليين على حد سواء. وقيل إنهم تلقوا رسائل إساءة متعددة. وفي اجتماع "ناري" عبر الإنترنت، تعرض روزنبرغ للانتقاد من 90 ممثلًا عن جماعة "الاتحاد اليهودي للكنس الأرثوذكسية" United Synagogue، أكبر هيئة لليهود الأرثوذكس في بريطانيا، حيث طُلب منه اتخاذ إجراءات ضد كُتّاب الرسالة. ثم أعلن المجلس أن الموقعين الستة والثلاثين سيخضعون لإجراءات تأديبية؛ وتم تعليق عمل هارييت غولدنبرغ، وهي من الموقعين على الرسالة، كنائبة لرئيس القسم الدولي في "المجلس" أثناء إجراء تحقيق. ليس هذا الرد القاسي والدرامي سوى امتداد لسلوكيات أخرى تمارسها هذه الهيئة التمثيلية اليهودية البريطانية التي طالما اشتُهرت بتعصبها وتشددها في مراقبة وضبط الخطاب المتعلق بإسرائيل. في التعليق على الحرب الكارثية التي تُشن على غزة، قال أحد الأعضاء السابقين في "المجلس"، وهو في الثلاثينات من عمره، لـ"مجلة نيو لاينز" إن المنظمة "أصبحت قصيرة النظر بشكل متزايد في رؤيتها عند مواجهة ما وُصف بأنه إبادة جماعية تُبَث على هواتفنا على مدار 24 ساعة في اليوم. إنهم يحاولون التظاهر بأن بإمكانهم دفن رؤوسهم في الرمال وعدم رؤية ما يحدث". لكن رسالة الأعضاء الستة والثلاثين المعارضين تكشف عن انقسام عميق داخل الجالية اليهودية البريطانية، التي يقل عددها عن 300.000 نسمة ولا تمثل سوى 0.5 في المائة من سكان المملكة المتحدة. ومثلما هو الحال في منظمات يهودية رئيسية أخرى في الشتات، خصوصًا في الولايات المتحدة، فإن هذا الانقسام أصبح أكثر وضوحًا وحدَّةً في أعقاب تدمير غزة بعد الهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، حين قتل رجال مسلحون 1.200 شخص واختطفوا أكثر من 200 رهينة. وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 50.000 فلسطيني، بحسب منظمات إنسانية دولية؛ ومعظم الضحايا من المدنيين، بينما يُقدر عدد الأطفال القتلى بـ17.000. وخلّفت الحرب آلاف الأطفال مبتوري الأطراف في غزة، وهو ما يمثل أعلى رقم في العالم. كما جعلت قطاع غزة غير صالح للعيش، حيث دمرت المستشفيات والمدارس والجامعات، والبساتين وبيوت الزراعة الخضراء والمساجد وغيرها من المقدّرات. وقد وصفها خبراء في القانون الدولي والجرائم الجماعية بأنها ذات طابع إبادي. يقول المعارضون الستة والثلاثون -وآخرون تحدثوا إلى مجلة "نيو لاينز"- إن ضِعف هذا العدد ربما كانوا سيوقّعون على الرسالة لو أنهم علموا بها، أو لم يخافوا من التوقيع. وفي الوقت نفسه، تُظهر البيانات المتوفرة أن هناك انقسامًا متزايدًا داخل الجالية اليهودية البريطانية الصغيرة حول إسرائيل. في استطلاع رأي أجرته مؤسسة "معهد البحث في السياسات اليهودية" -وهي جهة مستقلة- أعرب 88 في المائة من اليهود البريطانيين عن عدم دعمهم لرئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي. وتوافق الغالبية الساحقة على أن نتنياهو "يقدّم مصالحه الشخصية على مصالح دولة إسرائيل ككل". على الرغم من أن غالبية اليهود البريطانيين يشعرون بشيء من الارتباط بإسرائيل، فإن نحو 30 في المائة يُعرّفون أنفسهم بأنهم غير صهاينة أو مناهضون للصهيونية، بينما لا يُعرّف 51 في المائة من اليهود الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عامًا أنفسهم كصهاينة. ومن الجدير بالملاحظة أن أولئك الذين يصفون أنفسهم بالصهاينة قد لا يتفقون مع مواقف "المجلس" (وقد أكد عدد منهم لمجلة "نيو لاينز" أنهم لا يتفقون معه إطلاقًا). لكن الأرقام بمجملها تظهر أن الموقعين على الرسالة لا يشكلون هامشًا متطرفًا غير ممثَّل، وإنما يعبّرون عن شريحة مهمة من اليهود البريطانيين. وهذه الشريحة لا تجد من يمثلها -بل وحتى لا تعترف بها الهيئة التي تزعم تمثيلها. وقال متحدث باسم "مجموعة نعامود"، وهي منظمة يهودية بريطانية تعارض الاحتلال، كانت قد أطلقت العام الماضي حملة تطالب اليهود البريطانيين بالانسحاب من "المجلس"، لمجلة "نيو لاينز": "هذه منظمة اختارت مشروع الدفاع عن اليمين الإسرائيلي بدلًا من تمثيل المجتمعات اليهودية في بريطانيا، حين يتعارض المشروعان". دعم "المجلس" إسرائيل خلال عدوانها على غزة، في الوقت الذي دعا فيه الحكومة البريطانية إلى حظر المسيرات التي تحتج على الحرب. كما عارض مقترحات برلمانية بريطانية تدعو إلى وقف إطلاق النار. وعندما قدّمت "المحكمة الجنائية الدولية" طلبًا لإصدار مذكرات اعتقال ضد قادة إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة في أيار (مايو) 2024، أعلن "المجلس" أن المحكمة "لا تملك الولاية القضائية على هذه المسألة". وعندما أصدرت الحكومة البريطانية قرارًا بتعليق محدود لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل، بسبب مخاوف من انتهاكها للقانون الدولي، وصف رئيس "المجلس: القرار بأنه "خطأ" و"يقدم العون لـ'حماس'". سبقت مثل هذه التصريحات الرجعية حرب غزة الحالية بوقت طويل. في العام 2018، وتحت قيادة منظمة "ياحد"، وقّع أكثر من 500 يهودي بريطاني على رسالة مفتوحة احتجاجًا على رد فعل "المجلس" أحادي الجانب تجاه مقتل فلسطينيين خلال "مسيرات العودة الكبرى"، سلسلة التظاهرات السلمية التي جرت أيام الجمعة قرب السياج الأمني الذي أقامته إسرائيل على الحدود الفعلية لقطاع غزة. وقد قُتل في تلك الأحداث ما لا يقل عن 200 فلسطيني وجُرح ما لا يقل عن 36.000 آخرين، عندما ردّ الجيش الإسرائيلي بالرصاص الحي على الحشود. ومع ذلك، ألقى "المجلس" باللوم على "حماس" في أعمال العنف. وفي العام 2007، أسّس أكثر من 100 شخصية يهودية بارزة -من بينهم الكاتبان المسرحيان هارولد بينتر وجيليان سلوفو، والكاتبة جاكلين روز- منظمة "أصوات يهودية مستقلة"، كرد جزئي على الدعم غير النقدي الذي يقدّمه "المجلس" لإسرائيل. ويتعلّق هذا الموقف بجوهر السؤال حول الغاية من تأسيس "المجلس" من الأساس، إذ أُنشئ في العام 1760 كهيئة تمثيلية تُعنى بالدفاع عن مصالح اليهود البريطانيين، ولم يكن دائمًا منظمة صهيونية. في الواقع، وبصدى تاريخي يُشبه اعتراضات اليوم، كتب رئيس "المجلس" في ذلك الوقت، ديفيد ليندو ألكساندر، رسالة مشتركة مع كلود مونتفيوري، رئيس "الجمعية الأنجلو-يهودية"، نُشرت في صحيفة "ذا تايمز" في العام 1917، يرفضان فيها الصهيونية وإنشاء دولة يهودية في فلسطين. وجاء اعتراضهما على أساس أن ذلك سيكون من شأنه أن يصنّف اليهود في مختلف أنحاء العالم كـ"غرباء في أوطانهم الأصلية"، وقد يؤدي إلى اتهامات معادية للسامية بازدواج الولاء. وقد تحرّك "المجلس" في ذلك الحين لتوبيخ رئيسه بسبب تلك الرسالة، مما عكس انقسامًا حادًا في الرأي داخل الجالية اليهودية في ذلك الحين أيضًا. وبينما كان المجلس تاريخيًا يركّز على الاندماج في المجتمع البريطاني والولاء للمملكة المتحدة، تغيّر موقفه بحيث أصبح يدعم الصهيونية بحلول منتصف أربعينيات القرن الماضي. لكن ولاء المجلس المطلق لإسرائيل، سواء كانت على صواب أو خطأ، أصبح مقلقًا لشريحة وازنة من اليهود في بريطانيا، خاصة بين الأجيال الشابة. ويزيد من شعور هؤلاء بالاغتراب عن "المجلس" الطريقة التي يتم بها تصوير كل من يعارض موقفه وكأنهم هامشيون أو متطرفون. (تجدر الإشارة إلى أنني نلت حصتي وخضتُ مواجهة خاصة مع "مجلس النواب" قبل بضع سنوات، عندما اختلفتُ علنًا مع كارين بولوك، المديرة التنفيذية لـ"صندوق تعليم الهولوكوست"، بشأن مدى ملاءمة عقد مقارنات بين الزمن الحاضر وألمانيا النازية. وقد نُشرت في الحساب الرسمي للمجلس تغريدة بعبارات لاذعة سرعان ما تم حذفها، مما أدى في نهاية المطاف إلى ظهور خبر في صحيفة الغارديان بعنوان: "مجلس نواب اليهود البريطانيين يعتذر عن وصف صحفية بــ'الحقيرة'"). يقول المؤرخ توني كوشنر، المتخصص في تاريخ اليهود البريطانيين المعاصر في جامعة ساوثامبتون: "هناك رقابة متزايدة تمتد إلى ما هو أبعد من أولئك المعادين للصهيونية أو غير الصهاينة، مصدرها نخبة شديدة التعصب داخل المجلس". هذا هو السياق الذي جاءت فيه الرسالة المعارضة. وقال أحد النشطاء في الجالية اليهودية، وهو في الستينات من عمره، لمجلة "نيو لاينز"، إن المجلس يرفض الاعتراف بأن "جزءًا كبيرًا من الجالية اليهودية الأنجلو-بريطانية يشعر بغضب شديد مما تفعله الحكومة الإسرائيلية"، مضيفًا: "من المهم جدًا أن يُفتح النقاش. هناك شعور بأن أي شخص يريد انتقاد إسرائيل حاليًا يتعرض للإسكات". وتقول هانا فايسفيلد، مديرة منظمة "ياحد المملكة المتحدة" -وهي منظمة عضو في "مجلس النواب" وتعمل على بناء دعم يهودي بريطاني لحل سياسي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- إن موقّعي الرسالة حاولوا على مدى شهور إثارة موضوع الخلافات في وجهات النظر داخل "المجلس": "لقد ازداد إحباطهم شيئًا فشيئًا، وحاولوا بوسائل أخرى إيصال رسالة تفيد بأن هناك عددًا كبيرًا من الأشخاص في الجالية اليهودية البريطانية لا يدعمون الحكومة الإسرائيلية، ويعتقدون أن هذه الحرب كارثية". ويوافقها الرأي نائب سابق في "المجلس"، مشيرًا إلى أن النواب الأكثر تقدمية كانوا "يحاولون باستمرار تقديم رواية مختلفة، ولكن ظل يُطلب منهم على الدوام أن يصمتوا". أما الموقّعون الستة والثلاثون، فيمتنعون حاليًا عن الإدلاء بأي تصريحات أو إجراء أي مقابلات إعلامية إضافية بينما يفكرون في خطوتهم التالية. وقال لي عدد من منظّمي المجتمع اليهودي وأعضائه إنه لا جدوى الآن من أن يتراجع كاتبو الرسالة ويقبلوا التوبيخ بصمت، خاصة في ظل الحاجة الملحة للتعبير عن صوت شريحة واسعة داخل يهود بريطانيا لا يمثّلها "المجلس". ويقول توني كوشنر: "لقد خرج المارد من القمقم، وأعتقد أنه لا يمكن إعادته. لقد تضررت سمعة 'المجلس'، وسوف يُطرح السؤال عن مدى شرعية قيادته". وفي انسجام مع موقف حركة "نعامود"، أشار أحد المنظمين إلى أن محاولات إصلاح "المجلس" من الداخل ساذجة وعديمة الجدوى: "إنهم يريدون البقاء داخل الخيمة، لكن الخيمة لا تريدهم في داخلها". في ظل حرب غزة التي تُشكّل لحظة فارقة في تاريخ إسرائيل، ومع انحدارها المستمر نحو الاستبداد، ووسط أسئلة عميقة تتعلّق بالأخلاق، والضمير، والالتزام بالقانون الإنساني، قد يكون الوقت قد حان للمغادرة، وبدء شيء جديد كليًا. *رايتشل شابي Rachel Shabi: صحفية ومذيعة حائزة على جوائز، تقيم في لندن. *نشر هذا المقال تحت عنوان: A Public Letter Criticizing Israel Reveals a Schism Among Britain's Jews

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store